نص الكلمة التي القاها المناضل صلاح المختار في المهرجان الشعبي الكبير الذي اقيم في جامعة الخرطوم، في السودان مساء الثلاثاء 27 – 9 – 2005
ايتها الاخوات
ايها الاخوة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يمر العراق اليوم بمرحلة خطيرة جدا ، ابرز مميزاتها وصول الاحتلال الامريكي الى حالة الياس القاتل ، بعد ان توصل الى استنتاج حاسم فرضه الواقع القتالي ، وهو ان المشروع الاستعماري الامريكي في العراق قد فشل نهائيا ، نتيجة امتداد المقاومة المسلحة الى كل العراق ، من الشمال الكردي الى البصرة جنوبا ، ونجاحها في تحرير الارض العراقية وتحريمها على قوات الاحتلال ، التي تلزمها التعليمات العسكرية بعدم البقاء في منطقة واحدة اكثر من عشر دقائق ، لتجنب هجمات المقاومة الحتمية . ان الياس النهائي من تحقيق المشروع الامريكي في العراق هو مصدر الخطر الكبير على شعب العراق ووحدته الاقليمية الان ، لانه عمق مأزق الادارة الامريكية، وجعلها فريسة قناعة صحيحة تقول ان الفشل في العراق ستترتب عليه نتائج اكبر من العراق ، واهمها سقوط المشروع الامبراطوري الكوني الامريكي ، مع انه حلم امريكا الاقدم والاعز الى قلوب دعاة استعمار العالم ، منذ استعمرت القارة الامريكية الشمالية نهائيا واعلنت دولة اتحادية فيها ، قبل مائتي عام ، لذلك نرى امريكا الان تستخدم كل طاقاتها المادية والاستخبارية والعسكرية ، لالحاق الاذى بشعب العراق بتدمير مدنا كاملة كما حصل مؤخرا في تلعفر البطلة ، خصوصا من خلال تكثيف محاولات تقسيمه على اسس عرقية – طائفية .
ايها الاخوة
ايتها الاخوات
ومادمنا بصدد الحديث عن محاولات تقسيم العراق من الضروري الاشارة الى مصدر هذه الخطة الاصلي ، اذ من المعروف ان تفتيت الاجزاء القطرية للوطن العربي ، المقسم منذ تطبيق اتفاقية سايكس – بيكو السيئة الصيت ، هو من حيث الجوهر مخطط الحركة الصهيونية العالمية ،الذي تبلور واخذت قوى الاستعمار الاوربي بتنفيذه مع بدايات القرن العشرين ، وبرز بصفته احد اهم ممهدات قيام اسرائيل ، واحد اهم متطلبات بقاءها وتوسعها بعد قيامها . ولكي نتذكرالخطوط العامة لهذا المخطط يجب ان نتناول ما ورد في كراس ( ستراتيجية لاسرائيل في الثمانينيات ) ، وهو كراس كتبه عوديد ينون عام 1980، الذي كان مستشارا لمناحيم بيجن رئيس وزراء اسرائيل وقتها ، فلقد لخص ينون المخطط الصهيوني تجاه الامة العربية وحدد خطوطه العامة في هدفين اساسيين : الهدف الاول هو استغلال الاقليات العرقية والطائفية في الوطن العربي لتقسيمه من الداخل ، بدعم اسرائيل لتلك الاقليات ودفعها للانفصال ، وتمييز نفسها بشك استفزازي عن العرب باسلوب مبرمج ، ويشمل هذا الهدف كل الاقطار العربية مشرقا ومغربا . ويحدد ينون الاقطار المستهدفة ومن بينها العراق والسودان ، حيث يدعو الى زيادة دعم الاكراد في شمال العراق والموالين لايران في جنوبه ، وفصل جنوب السودان . اما الهدف الثاني فهو تعزيز التحالف الاسرائيلي مع دول الجوار العربي غير العربية ، واطلق على هذا المطلب اسم ( نظرية شد الاطراف ) ، لان من الضروري جدا، من وجهة نظر اسرائيلية ، ابقاء الدول المجاورة للعرب في اسيا ، وهي ايران وتركيا ، وفي افريقيا ، وهي اوغندا واثيوبيا والسنغال وغيرها ، في حالة توتر وصراع مع العرب ، سواء حول الحدود او المياه و الاقليات او الدين ...الخ .
اذن من ينظر الى خارطة الاحداث في العراق وغيره ، يجد ان مخطط اسرائيل هو الذي ينفذ من قبل امريكا ، فالدستور المعروض الان للاستفتاء في العراق ما هو الا مشروع اسرائيلي وضعه نوح فيلدمان اليهودي الامريكي ، وجعله عبارة عن قاعدة لتقسيم العراق على اسس عرقية وطائفية ، باسم الفدرالية ، بينما هي في الواقع كونفدرالية وليست فدرالية ، لانها تمنح الكيانات الفدرالية المطلوب اقامتها سلطات فعلية ورسمية اقوى بكثير من سلطة الدولة المركزية وعاصمتها . ان تحويل السلطة في العراق الى الاطراف وتجريد المركز منها ما هو الا مقدمة لالغاء الكيان الوطني العراقي ، ومحو الهوية العربية للعراق ، والذي يشكل العرب فيه اكثر من 85 % من السكان ، وهنا يكمن الجوهر الاسرائيلي للدستور .
ايها الحفل الكريم :
لكن هذا المخطط الاستعماري الصهيوني اسقط ، بفضل الله جل وعلا ، ونتيجة تماسك شعب العراق ، وغلبة مقاومته المسلحة ، بصفتها القوة المقررة والحاسمة في العراق ، واغلق الباب بوجهه الى الابد انشاء الله وبعونه ، فالمقاومة العراقية ذات البنية التنظيمية العراقية ، والتوجه العروبي – الاسلامي ، ضمت في صفوفها كل مكونات المجتمع العراقي ، ففيها ، في قواعدها وقياداتها ، العرب والاكراد والتركمان ، على المستوى الاثني ، وفيها المسلمين والمسيحيين والصابئة واليزيديين ، على المستوى الديني ، وفيها السنة والشيعة ، على المستوى الطائفي ، وفيها ابناء الريف والمدن على المستوى الاجتماعي . لذلك فان المقاومة العراقية التي تقود الثورة العراقية المسلحة ، تعبر بصدق عن اماني وتطلعات وقناعات كل العراقيين ، وهي ليست حكرا على فئة او حزب او جماعة ، وهنا يكمن سبب نجاح الثورة ضد الاحتلال وقوتها الهائلة وقدرتها على اسقاط المشروع الاستعماري في العراق ، والقضاء على خطة تقسيمه .
انني ، ايتها الاخوات ، ايها الاخوة ، اطمئنكم بتاكيد انكم يجب ان تثقوا بان اخوتكم واخواتكم المجاهدين والمجاهدات في العراق الثائر ، قد قبروا مؤامرة التقسيم الى الابد ، تماما كما افشلوا مؤامرة استعمار العراق ، فما يجري في العراق يؤكد ان المقاومة المسلحة تفرض سيطرتها على العراق ، وتقرر مسارات التطور فيه ، وتسقط سيناريوهات امريكا واسرائيل وايران ، واحدا اثر الاخر ، حتى وصلنا الى مرحلة ، اصبح فيها الشعب العراقي ينتظر اللحظة التي ينهار فيها الاحتلال كليا، ويشرع في الهروب من العراق ، وهي لحظة تاريخية قريبة ، بل اقرب مما تتصورون ، وستتم بعونه تعالى ، وبفضل تضحيات المجاهدين والمجاهدات من اخوتكم واخواتكم في سوح المجد والتحرير .
ابشركم بان القوات المسلحة العراقية ، التي نزلت تحت الارض يوم غزو بغداد في 9 – 4 – 2003 لاجل ممارسة حرب المدن والعصابات ، قد اكملت كافة استعداداتها التنظيمية والادارية للعودة واعادة بناء جمهورية العراق العربي الحرة والمحررة .
ابشركم بان ابطال الحرس الجمهوري القوة الاساسية في المقاومة العراقية ، ومناضلوا البعث واشقائهم الاسلاميين وكل الفصائل المتحدة يستعدون ليوم الحسم الذي اقترب ، واعلان تحرير العراق ،وهم يحملون شارات الجيش العراقي الوطني ويرتدون بدلاته القتالية المعروف ، ويفرضون سيطرتهم على مدن وقرى واحياء العراق.
ابشركم بان صرخات الهزيمة قد تعالت من توني بلير القاتل ومجرم الحرب ، حينما قال يوم 25 – 9 – 2005 بانه لم يتوقع ابدا ان تكون مقاومة شعب العراق بهذه الشراسة غير المسبوقة والاصرار على مقاومة الغزاة .
ابشركم بان رسائل اليأس القاتل قد بعثت من قبل جمهوريي وديمقراطيي الكونغرس الامريكي، الذين اتفقوا على ان غزو العراق كان خطئا ستراتيجيا فادحا، جعل العراق مستنقعا اخطر من مستنقع فيتنام .
ابشركم بان مقدمات الانسحاب الامريكي الذليل قد بدأت تظهر متجسدة في اقرار الكونغرس الامريكي، ومراكز بحوث امريكية بان امريكا تخسر في العراق اموالا ضخمة كان يجب استخدامها لمعالجة مشاكل الفقر والكوارث في امريكا، واخرها اعصار كاترينا وشقيقتها ريتا ، واللتان جاءتا بعد ان عصفت اعاصير العراق باقوى واوحش امبراطورية شر في التاريخ .
ابشركم بان المجرمة مادلين اولبرايت جزارة اطفال العراق ووزيرة خارجية امريكا السابقة ، قالت مؤخرا محذرة ادارة بوش بان اياما سود تنتظر امريكا في العراق .
نعم ابشركم بكل ما يسر ويشرف العربي، وبكل ماينعش امال الاحرار في كل مكان من العالم ، ابشركم بان النصر العراقي يقترب وامريكا تنهار، ومشروعها الكوني الاستعماري اصبح في مهب ريح العراق ، ومع انهيار المشروع الامريكي تنهار المشاريع الصهيونية والايرانية ، ويبدأ الوطن العربي مرحلة نهوض قومي جديد يكنس كل الترتيبات الاستعمارية والصهيونية او المتصهينة ، التي فرضت في نصف القرن الماضي .
ايتها الاخوات
ايها الاخوة
ربما تسألون ماذا سيحصل في العراق غدا ؟ وردا على هذا التساؤل اقول : غدا سيدفن العراقيون مشروع الدستور الصهيوني ، ومعه سيقبر عملاء الاحتلال والصفويون الجدد القتلة ، وستبدأ خطوات الانهيار النهائي للاحتلال الامريكي ، فالمقاومة وليس غيرها هي القوة المقررة والحاسمة ، وهي التي ستنفذ ما رسمته ستراتيجية التحرير التي وضعها البعث ، خصوصا وان الاحتلال وقع فريسة اليأس من امكانية تنفيذ مشروعه الاستعماري في العراق . انتظروا الغد وسترون عبر شاشات التلفزيون الدبابات الامريكية وهي تنسحب ومدافعها منكسة ، ورؤوس جنودها مكللة بعار الهزيمة امام اسود ولبوات العراق . انتظروا الغد وستسمعون ان (مجلس شورى المجاهدين ) ، وهو اعلى سلطة في المقاومة ، ويضم البعثيين والاسلاميين وكل الفصائل المقاتلة ، يعلن حكومة التحرير الائتلافية وسط زغاريد النساء وبسمات اولاد وبنات الشهداء .
انتظروا الغد حيث سيبزغ فجر العراق المحرر الديمقراطي، ومنه ستنطلق شموس الحرية لتضيئ سماء امة العرب كلها من المحيط الاطلسي حتى الخليج العربي . انتظروا الغد حيث ستسود راية الله اكبر وتحل محل كل الرايات من موريتانيا الى عمان .
ايها الحضور الكريم :
ربما تظنون انني نسيت شيئا مهما ، وهو تحية الرفيق المناضل الكبير بدر الدين مدثر ، كلا ايها الرفاق اذ كيف انسى من كان ومازال رمزا من ابرز رموزنضال البعث وشرف هذه الامة العظيمة . انني احيي بحرارة رصاص المقاومة العراقية وصدقها واستقامة خط سيرها الرفيق المناضل بدر الدين مدثر، وانقل اليه والى شعب السودان وقواه المناضلة ،تحيات رفاقه المقاتلين في العراق، وعلى راسهم المجاهد عزت ابراهيم الدوري القائد العام الميداني للمقاومة العراقية ، واصلي لله ان يمنح رفيقي بدر الصحة والعافية ، واقول للرفيق بدر اننا بعثيوا العراق على العهد ، عهد الله باقون ، فوالله لو انطبقت الارض على السماء، ولو اشرقت الشمس من المغرب وغربت في المشرق فلن نغير مسارنا، ولن نتراجع عن هدف تحرير وطننا ، ولن نسمح بتنكيس راية بعثنا . ونحن، يارفيق بدر، نرى النصر بدرا، كاسمك الكريم، كامل الاستدارة في كبد السماء ، يغمر وجهنا اينما تحركنا، او نظرنا او توجهنا . كما احيي الرفيق المناضل علي الريح ، وكل المناضلين القابضين على جمر المبادئ الخالدة في سودان العز والكرامة والاصالة العربية والاسلامية .
تحية لشعب السودان الشقيق المناضل
عاشت الثورة العراقية المسلحة
عاش الرفيق صدام حسين مهندس المقاومة ومفجرها
عاشت فلسطين حرة عربية من النهر الى البحر
النصر ولا شيئ غير النصر
الله اكبر وليخسأ الخاسئون