باب/ يعتبر اللبن الغذاء الطبيعي لجميع مراحل العمر لدى الجنس البشري، فهو يحتوي على كل المكونات الضرورية للتغذية المتكاملة من سكر ودهن وبروتين وأملاح معدنية وفيتامينات وبنسب تلائم احتياجات الجسم بصورة تكفل قيمة حيوية وهضمية جيدة للغاية.
وقد عقدت منظمة الأغذية والزراعة (FAO) (
www.fao.org) مؤخرًا مؤتمرًا دوليًا حول الألبان في المدارس شارك فيه أكثر من 160 مندوبًا من 36 دولة، حيث أوضح مايكل غريفن Micheal Grifn خبير السلع لدى «فاو» أن لبرامج الألبان المدرسية غايات تغذوية وتربوية على حد سواء، فهي تمنح الأطفال المزيد من الطاقات والعناصر المغذية، كما تكسبهم عادة صحية سليمة في تناول اللبن.
وقد اطلع المندوبون الذين شاركوا في الاجتماع على برامج الألبان المدرسية في مختلف أنحاء العالم.
ففي البرتغال مثلاً تنفذ هذه البرامج منذ عشرين عامًا وتغطي نسبة 99% من تلاميذ المدارس.
ويعطى الفتيان والفتيات في البرتغال اللبن شبه المخيض المنكه بالشوكولاته والمعالج بالحرارة الفائقة في فترة الاستراحة الصباحية، حيث يشارك في تمويل هذا البرنامج الاتحاد الأوروبي والحكومة البرتغالية.
وفي تايلاند فإن اللبن المجاني الذي يقدم في المدارس اضطلع بدور رئيسي في ترويج استهلاك الألبان على مستوى البلاد ككل. ففي عام 1994بلغت حصة الفرد من استهلاك اللبن لترين فقط في العام الواحد، وقام منتجو الألبان في ذلك الحين بمسيرة احتجاج في بانكوك بسبب عجزهم عن تسويق إنتاجهم البالغ 127 طنًا يوميًا. وفي عام 1997 ارتفعت حصة الفرد من الاستهلاك لتصل إلى 18 لترًا في السنة، وتخرج جيل كامل من التلاميذ المواظبين على تناول اللبن من المدارس، وغدت للبلاد صناعة ألبان نشطة.
وفي أستراليا بدأت ولايتان من ولايات البلاد هما ولاية نيو ساوث ويلز وولاية فكتوريا برامج ألبان مدرسية استجابة لطائفة متنوعة من العوامل، بما في ذلك انخفاض استهلاك اللبن، التي بينت أن العديد من الأطفال لا يحصلون على ما يحتاجون إليه من الكالسيوم، وفيتامين (أ)، وفيتامين ريبوفلافين، وأيضًا حقيقة أن الألبان تمثل 4% فقط من المشروبات التي تستهلك في المدارس.
ويقوم بتمويل برنامج ولاية نيوساوث ويلز منتجو الألبان في الولاية المذكورة، كما تسانده كل قطاعات صناعة الألبان، ويشمل هذا البرنامج توفير التبريد المجاني لمقاصف المدارس بحيث يظل اللبن طازجًا ومثلجًا على النحو الذي يستهوي الأطفال.
توفير الطاقة والبروتين
يعود اللبن بالفائدة على الأطفال بالعديد من الأشكال، إذ إنه يوفر لهم الطاقة والبروتين لنموهم وتطورهم إلى جانب العناصر المغذية الضرورية لتشكيل العظام والأسنان. ويشير تقرير تم تقديمه إلى المؤتمر إلى تزايد الدلائل العلمية على أن عناصر الكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم المتوافرة بكميات كبيرة في اللبن تخلف آثارًا إيجابية على ضغط الدم وتسهم في التخفيف من أخطار الإصابة بارتفاع الضغط.
كما يوضح التقرير وجود صلة بين بعض العناصر المغذية الموجودة في منتجات الألبان والتخفيف من أخطار الإصابة بنخر الأسنان وترقق العظام في مراحل لاحقة من العمر. وأظهرت دراسة أجريت في صفوف التلاميذ في بريطانيا على مدار عامين أن الفارق الوحيد بين وجبات الأطفال ذوي الأسنان السليمة وأولئك الذين يعانون التنخر هو أن حجم استهلاك المجموعة الأولى من الأجبان في اليوم يعادل ضعف استهلاك المجموعة الثانية.
وتشكل الألعاب التثقيفية، والمباريات، وشخصيات أفلام الكرتون، والهدايا الترويجية جزءًا من برامج الألبان المدرسية في التسعينيات. وتستخدم القمصان الخفيفة والقبعات الشمسية في تشجيع الأطفال على استهلاك اللبن.
وفي معظم المدارس فإن اللبن ذا النكهة الطبيعية ليس إلا واحدًا من مجموعة واسعة من الأنواع المتاحة بنكهات متنوعة. ويشتد إقبال الأطفال بشكل خاص على الألبان المنكهة بالموز والشوكولاته والفريز.
البكتيريا الحميدة!
من ناحية أخرى، أعلن علماء أوروبيون أن مضافات من نوع من البكتيريا المفيدة التي توجد داخل اللبن المتخثر الطازج يمكن أن تقلل إلى النصف من احتمالات ظهور الإكزيما لدى الأطفال وهو من الأمراض الجلدية صعبة العلاج.
وقد نشر باحثون من فنلندا وبريطانيا نتائج دراستهم في مجلة لانسيت الطبية البريطانية، حيث أوضح سايمون مارتش الباحث في جامعة لندن والذي ساهم في البحث أن البكتيريا ستشكل أداة علاجية فعالة، خصوصًا بعدما أكد البحث فوائدها في علاج العديد من أمراض الحساسية.
تجدر الإشارة إلى أن العلماء يرجعون أمراض الحساسية مثل الربو والإكزيما إلى عجز في جهاز المناعة، ولذلك فإن المشرفين على البحث الجديد يعتقدون أن هذه البكتيريا المفيدة وغيرها من الأنواع المصنفة ضمن مجموعة من المواد قبل الحيوية التي تسمى بروبايوتيكس تحسن من وضع توازن الميكروبات داخل الأمعاء وهو ما يقوي جهاز المناعة لدى الإنسان.
شملت الدراسة 159 حاملاً، لدى كل منهن تاريخ عائلي في أمراض الحساسية، حيث زودت عينة البحث بالبكتيريا، وبعقاقير وهمية مرتين في اليوم لفترة ثلاثة أسابيع قبل الولادة. وبعد الولادة تناولت المرضعات البكتيريا لمدة ستة أشهر، بينما تناول الأطفال الذين أرضعوا صناعيًا البكتيريا المفيدة مع الحليب للمدة نفسها.
وقد درس الباحثون حالة الأطفال بعد 3 أشهر من الميلاد و6 أشهر و12ثم 18ثم24شهرًا، وأصيب بالإكزيما 23% من الأطفال في سن الثانية من الذين تناولوا البكتيريا المفيدة مقابل 46% من الأطفال في السن نفسها الذين أعطوا عقاقير وهمية. والزبادي أيضًا!
في الوقت نفسه أعلن علماء بريطانيون أن نوعًا معينًا من الزبادي أو ما يعرف باليوغورت في بعض البلدان يمكن أن يساعد كبار السن على مقاومة بكتيريا تسبب أمراضًا معوية تطيل عادة من فترة بقائهم في المستشفى.
ويأمل باحثون في مستشفى سميث نورثفيو في التعرف على مدى إمكانية استخدام اليوغورت الحيوي في معالجة أمراض الجهاز المعوي.
ويعتقد اختصاصي أمراض الشيخوخة كريس بولبيت أن تناول المضادات الحيوية لعلاج بعض الأمراض المعدية يمكن أن يضر بمستوى البكتيريا المفيدة الموجودة في الغشاء المبطن للمعدة والأمعاء، الأمر الذي يعرض المرضى لمزيد من المشاكل الصحية، خصوصًا بالنسبة لكبار السن، حيث تجد أجسامهم الواهنة صعوبة في مقاومة العدوى.
ويأمل الباحثون أن يساعد اليوغورت الحيوي في المحافظة على نسبة عالية من البكتيريا النافعة تساعد مرضى الإسهال على مقاومة الفيروس.