من الحقائق العلمية الثابتة أن الله عز وجل يكون السمع قبل البصر في خلقه تعالى للجنين وهذه الحقيقة يقررها القرآن منذ ألف وأربعمائة عام حيث قدم الله تعالى السمع قبل البصر في أكثر من آية.
قال تعالى:{ قل هو الذي أنشأكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون}
في كل الآيات القرآنية الكريمة التي ورد فيها ذكر السمع والبصر وقدم الله سبحانه وتعالى السمع على البصر وذلك لأن أهمية السمع أبلغ وأعظم حتى من نعمة البصر، إذ أن المولود يتعلم بواسطة السمع أضعاف ما يتعلم بواسطة البصر … والأصم منذ الولادة لا يستطيع أن يتعلم أبداً فهو أبكم .. بينما المولود أكمه (أي أعمى) يستطيع أن يتعلم اللغة بل اللغات بكل يسر .. وتستطيع أن تعد مئات بل آلاف العباقرة من فاقدي نعمة البصر ولكن من العسير أن تعد الآحاد من العباقرة الذين فقدوا نعمة السمع منذ الطفولة الباكرة.. وقد أشار الله سبحانه وتعالى أن وسائل العلم الأساسية للطفل هي السمع والأبصار والأفئدة.
قال تعالى: { والله الذي أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وجعل لكم السمع
والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون} (النحل 78)
وبواسطة السمع والبصر يدرك المولود ما حوله شيئا فشيئاً ويتعلم الأشياء ويدركها وتكون لديه القدرات، وعندما تتكون الجفون في الجنين يلتصق الجفنان في الشهر الثالث… وفي الشهر السابع تتفتق الجفون استعداداً لخروج الجنين إلى الدنيا.
كذلك عندما تتكون العدسة في الجنين تغطى بمحفظة من الطبقة المتوسطة الميزدوم وتسمى (المحفظة العدسية الوعائية) لأنها تتخللها الأوعية الدموية التي تضمر في الشهر السابع.. وفي الشهر تشق هذه المحفظة في وسطها مكونة فتحة وفرجة تعرف باسم حدقة العين أو البؤبؤ.
ويكتمل نمو السمع منذ الشهر الرابع في الجنين ومنذ ذلك الوقت المبكر يسمع الجنين الأصوات الخارجية وقرقرة أمعاء أمه.. أما البصر فيتأخر في النمو .. وعندما يولد الطفل يستطيع أن يبصر الأشياء ولكن إدراكه للمبصرات ضعيف وضئيل.. أما إدراكه للسمعيات فجيد منذ الولادة بل وقبل الولادة. وذلك مما يفسر تقديم السمع على البصر في القرآن الكريم.