حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا ابن جريج عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت
كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى مخيلة في السماء أقبل وأدبر ودخل وخرج وتغير وجهه فإذا أمطرت السماء سري عنه فعرفته عائشة ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أدري لعله كما قال قوم
((فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم ))
حديث عائشة وقد تقدم شرحه في كتاب الاستسقاء ,
وقوله فيه ( مخيلة )
بفتح الميم وكسر المعجمة بعدها تحتانية ساكنة هي السحابة التي يخال فيها المطر .
قوله : ( فإذا أمطرت السماء سري عنه )
فيه رد على من زعم أنه لا يقال أمطرت إلا في العذاب , وأما الرحمة فيقال مطرت , وقوله " سري عنه " بضم المهملة وتشديد الراء بلفظ المجهول أي كشف عنه . وفي الحديث تذكر ما يذهل المرء عنه مما وقع للأمم الخالية , والتحذير من السير في سبيلهم خشية من وقوع مثل ما أصابهم . وفيه شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ورأفته بهم كما وصفه الله تعالى . قال ابن العربي : فإن قيل كيف يخشى النبي صلى الله عليه وسلم أن يعذب القوم وهو فيهم مع قوله تعالى ( وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم ) والجواب أن الآية نزلت بعد هذه القصة , ويتعين الحمل على ذلك لأن الآية دلت على كرامة له صلى الله عليه وسلم ورفعه فلا يتخيل انحطاط درجته أصلا . قلت : ويعكر عليه أن آية الأنفال كانت في المشركين من أهل بدر , وفي حديث عائشة إشعار بأنه كان يواظب على ذلك من صنيعه , كان إذا رأى فعل كذا . والأولى في الجواب أن يقال إن في آية الأنفال احتمال التخصيص بالمذكورين أو بوقت دون وقت أو مقام الخوف يقتضي غلبة عدم الأمن من مكر الله , وأولى من الجميع أن يقال خشى على من ليس هو فيهم أن يقع بهم العذاب , أما المؤمن فشفقته عليه لإيمانه , وأما الكافر فلرجاء إسلامه , وهو بعث رحمة للعالمين .
سبحان الحي الذي لا يموت